في ليلة الفاتح من نوفمبر من سنة 1954 شن ما يقارب 3000 مجاهد ثلاثين هجوما
في معظم أنحاء الوطن، على المراكز الحساسة للسلطات الاستعمارية. وقد توزعت
العمليات على معظم أنحاء التراب الوطني حتى لايمكن قمعها كما حدث لثورات
القرن التاسع عشر بسبب تركزها في جهات محدودة. وعشية اندلاع الثورة أعلن عن
ميلاد " حزب جبهة الحرير الوطني" وتم إصدار بيان يشرح طبيعة تلك الأحداث
ويحدد هدف الثورة، وهو استعادة الاستقلال وإعادة بناء الدولة الجزائرية.
هجوم 20 أوت 1955
يعتبر هجوم 20 أوت 1955 بمثابة نفس جديد للثورة، لنه أبرز طابعها الشعبي
ونفي الادعاءات المغرضة للاستعمار الفرنسي، ودفع الأحزاب إلى الخروج من
تحفظها والانضمام إلى جبهة التحرير. إذ عمت الثورة العارمة جميع أجزاء
التراب الوطني، واستجاب الشعب تلقائيا، بشن عمليات هجومية باسلة استمرت
ثلاثة أيام كاملة كلفت تضحيات جسيمة في الأرواح, لكنها برهنت للاستعمار
والرأي العالمي بان جيش التحرير قادر على المبادرة، وأعطت الدليل على مدى
تلاحم الشعب بالثوار.
مؤتمر الصومام 20 أوت 1956
حققت جبهة التحرير الوطني في بداية نشاطها إنجازات هائلة، مما شجعها على مواصلة العمل التنظيمي.
فقررت عقد مؤتمر تقييمي لسنتين من النضال وذلك في 20 أوت 1956 في أغزر
امقران بوادي الصومام. كرس المؤتمر مبدأ القيادة الجماعية، مع الأولوية
للقيادة
العسكرية والنضال داخل التراب الوطني. كما قررت تمكين الجبهة من فرض نفسها
كممثل شرعي للشعب الجزائري أمام دول العالم وهيأته وذلك عبر مؤسستين هامتين
وهما:المجلس الوطني للثورة الجزائرية وهو الهيئة العليا التي تقوم مقام
البرلمان، ولجنة تنسيق الشؤون السياسية والعسكرية وهيكلة جيش التحرير
الوطني وتقسيم الجزائر إداريا إلى ست ولايات.
مقر انعقاد مؤتمر الصومام
أحداث قرية سيدي يوسف 08 فيفري 1958
شهدت الثورة الجزائرية خلال السنوات الثلاث الأولى من اندلاعها تصاعدا
معتبرا إلى تكثيف المحاولات العسكرية من طرف الاستعمار لإخماد المقاومة
بشتى وسائل الدمار وقد تمثلت تلك المحاولات في القمع الوحشي للجماهير عبر
الأرياف والمدن.
من بين العمليات الوحشية التي قام بها الجيش الفرنسي من أجل عزل المجاهدين
وعرقلة وصول الأسلحة والمؤن إلى داخل الوطن, قصف قرية سيدي يوسف التونسية
الواقعة على الحدود الجزائرية يوم 08 فيفري 1958 حيث قامت القوات
الاستعمارية بشن هجمات عنيفة بطائراتها الحربية تسببت في ابادة عشرات
الأبرياء من المدنيين التونسيين والجزائريين.
لكن تلك الحادثة لم تنل من عزم الشعب الجزائري على مواصلة كفاحه، كما أنها
لم تؤثر قط على أواصر الأخوة والمصير المشترك الذي كان لا يزال يربط بين
البلدين والشعبين الشقيقين.
الحكومة الجزائرية المؤقتة 19 سبتمبر 1958
مواصلة للجهود التنظيمية للهيئات السياسية التي تقود الثورة، تم يوم 19
سبتمبر 1958 من طرف لجنة التنسيق والتنفيذ، الإعلان عن تأسيس الحكومة
المؤقتة للجمهورية الجزائرية، كإحياء للدولة واستعاده للسيادة، وقد يظهر
جليا انه أصبح للشعب الجزائري ممثل شرعي ووحيد.
أعضاء الحكومة المؤقتة
مظاهرات 11 ديسمبر 1960
صعد الشعب الجزائري مواقفه لتصبح علنية استجابة لنداءات جبهة التحرير
الوطني منذ أول نوفمبر 1954 فقام باضطرابات ومظاهرات للتعبير عن رايه
والتأكيد على وحدته ونضجه السياسي، وقد بدا ذلك جليا خلال مظاهرات 11
ديسمبر1960 التي شملت كافة التراب الوطني.
وقد انطلقت تلك المظاهرات الوطنية يوم 10 ديسمبر من حي بلكور الشعبي
بالجزائر العاصمة، حيث خرج المتظاهرون يحملون الإعلام الوطنية ويهتفون
باستقلال الجزائر وشعارات مؤيدة لجبهة التحرير الوطني. فحاصرتهم القوات
الاستعمارية محاولة عزل الحي عن الإحياء الأوروبية. وفي اليوم التالي تدخلت
قوات المظليين فانطلقت النار على الجماهير مما أدى إلى خسارة في الأرواح.
ولكن ذلك لم يمنع المظاهرات من الانتشار إلى بقية إحياء العاصمة وبعدها إلى
معظم المدن الجزائرية. حيث برهن الجزائريون خلالها على وقوفهم صفا واحدا
وراء جبهة التحرير الوطني.
أحداث 17 أكتوبر 1961
تحتفظ الذاكرة الجماعية بتاريخ 17 أكتوبر 1961، يوم خرج مئات الجزائريين
بالمهجر في تظاهرات سلمية تلبية لنداء فيدرالية حزب جبهة التحرير الوطني
بفرنسا، فوجهوا بقمع شديد من طرف السلطات الفرنسية.أدى إلى قتل العديد
منهم، ويمثل هذا التاريخ اليوم الوطني للهجرة تخليدا لتلك الأحداث الراسخة
على صفحات التاريخ الجزائري.
التفاوض ووقـف إطلاق النار:
أظهرت فرنسا التوافق التام لمبدأ التفاوض ثم أخذت تتراجع من جراء تزايد
عنفوان الثورة وتلاحم الشعب مع الجبهة فجاء تصريح الجنرال ديجول بتاريخ 16
ديسمبر 1959 كمرحلة جديدة في موقف الاستعمار الفرنسي. إذا أنه اعترف بحق
الشعب الجزائري في تقرير مصيره.
عرفت المفاوضات في مراحلها الأولى عدة صعوبات بسبب المناورات الفرنسية،
وتمسكها بوجهات نظر مخالفة تماما لثوابت الجبهة خاصة تلك التي تتعلق
بالمسائل الحساسة، كالوحدة الترابية والشعبية للجزائر. لكن المفاوضين
الجزائريين لم يتنازلوا عن أي شرط من الشروط التي املوها لوقف إطلاق النار،
حتى وان أدى ذلك إلى استمرار الحرب لسنوات أخرى.
استمرت المفاوضات لعدة أشهر بين اخذ ورد اكدت خلالها الحكومة موقفها الثابت
بمساندة شعبية كبيرة من خلال المظاهرات التي نظمت في المدن الجزائرية وفي
المهجر.
جرت آخر المفاوضات بصفة رسمية ما بين 7 و 18 مارس 1962 بمدينة ايفيان
السوسرية والاستفتاء حول الاستقلال وتوجت أخيرا بالتوقيع على اتفاقية
ايفيان ودخل وفق إطلاق النار حيز التنفيذ يوم 19* مارس 1962 على الساعة 12
ظهرا.
الاستقلال :
استمرت الثورة متحدية كل أنواع القمع التي تعرضت لها في الأرياف والمدن من
أجل ضرب ركائزها.وتواصل الكفاح المسلح إلى جانب العمل المنظم من اجل جمع
التبرعات المالية وشحن الادرية وتوزيع المناشير وغيرها.
بقي الشعب الجزائري صامدا طيلة سنوات الحرب يقاوم شتى أنواع البطش من
اعتقالات تعسفية وترحيل وغيرها مبرهنا بذلك على ايمانه بحتمية النصر.
وفي الفاتح من جويلية من عام 1962 تجلى عزم الشعب الجزائري على نيل
الاستقلال عبر نتائج الاستفتاء التي كانت نسبتها 99.7 بالمئة نعم.وتم
الإعلان عن استفلال الجزائر يوم 3 جويلية 1962 واختير يوم 5جويلية عيد
للاستقلال